بسم الله الرحمن الرحيم
الأسرى الفلسطينيون والمجتمع الدولي تجاههم
يقبع عدد غير قليل من فلذات أكباد شعبنا الفلسطيني وراء القضبان في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهم بالآلاف لا بالمآت أو الآحاد. ولكن أمام المجتمع الدولي وكان هناك لا توجد قضية بل قضية ملحة ومقلقة ومزعجة اسمها قضية الأسرى الفلسطينيين، في حين عندما كان جلعاد شاليط الجندي الإسرائيلي في الأسر لدى حركة حماس في قطاع غزة، قام المجتمع الدولي ولم يقعد، وثارت ثائرته، وتحرك في كل الوجوه، وعلت الأصوات ونادت بملإ الأفواه بضرورة الإفراج عن هذا الجندي الأسير.
علماً أن شعبنا الفلسطيني بكل أطيافه ينشد الحرية والسلام ويطالب بأبسط حقوق الإنسان من نيل استقلاله والسماح بإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، مثله في ذلك مثل شعوب الأرض كافة، يريد شعبنا أن يعيش بكرامة وبحياة تضمن له الهدوء والأمن والطمأنينة والسيادة على أرضه. يتطلع شعبنا كما تتطلع باقي شعوب الأرض إلى كرامة يحس من خلالها أنه إنسان وبشر يتمتع بحقوق إنسانيته كما تتمتع كل شعوب المعمورة ومع كل ذلك لا يجد الآذان الصاغية، ولا التجاوب الدولي المطلوب.
وفيما يتعلق بالسجناء الفلسطينيين ما هم في الحقيقة سوى سجناء حرية وكرامة وسجناء رأي، لا يصح بحال أن يقبعوا خلف القضبان، ولا أن يبقوا هذه السنين الطوال، لا يجوز أبداً أن تبقى قضيتهم معلقة وغير منجزة أو غير مسوية. غير مقبول البتة من المجتمع الدولي أن يقف من قضية لا تعدو كونها قضية إنسانية مكتوف الأيدي، وأن يقف فيها وقفة المتفرج.
إن شأن وموضوع الأسرى شأن دولي من حيث القانون الذي ينظم حياتهم ويضمن حقوقهم ويسوي أمرهم ويحل مشكلاتهم. أين موضوع وقضية الأسرى الفلسطينيين من هذا القانون ومن مواثيق جنيف؟ ما مدى تطبيق هذا القانون وما حدوده وما ضوابطه تجاه الأسرى الفلسطينيين؟ أين عدالة هذا القانون وأين تدخلاته من خلال مواده وبنوده لأجل صالح أسرانا البواسل الأحرار؟
أين مواثيق جنيف والاتفاقيات الدولية بوجه عام من حقوق فلذات أكبادنا وراء القضبان في السجون الإسرائيلية؟ ألم توقع اتفاقيات سلام ما بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؟ من المفترض ألا يبقى أي سجين بعد توقيع هذه الاتفاقيات.
لقد قلت منذ أمد بعيد بضرورة تدويل قضية الأسرى، بل أنا أول من نادى وقال: بأن قضية أسرانا البواسل لا يصح أن تبقى بين أيدينا كفلسطينيين فحسب، لأن حجمها أكبر منا معشر الشعب الفلسطيني لا بد وأن يكون هذا الملف الإنساني بين يدي العالم أجمع ممثلاً بهيئاته ومنظماته ومؤسساته. كما يجب على منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية أن تحمل هذا الملف وتناضل دون حقوق أصحابه.
إن أسرانا الأبطال والذي يربو عددهم على الأربعة آلاف وسبعمائة وخمسين (4750) أسيراً ليتطلعون بفارغ من الصبر وببالغ من الأمل يحدوهم الكبير من الفأل أن نهتم بهم كفلسطينيين وكعرب ومسلمين ومجتمع دولي اهتماماً بالغاً وكبيراً. ألا وإن قسماً كبيراً منهم ليخوض اليوم إضراباً مفتوحاً عن الطعام، إنهم يصارعون الموت ويخوضون معارك الأمعاء الخاوية دفاعاً عن حقوقهم وطلباً لحريتهم ولأجل فك أسرهم من هذا الأسر الذي يقبعون فيه ظلماً وعدواناً ويكابدون بسببه الأسى والحزن والحسرة، ليس هم وحدهم، بل وذووهم أيضاً من أمهات وآباء وإخوة وأخوات وزوجات وأبناء.
إنها صيحة وصرخة نطلقها مدوية علها تلامس آذان الدول الديمقراطية، ومن ينادون بحقوق الإنسان، علها تلامس آذان من يدعون العدالة والذود عن الشعوب والأفراد المظلومين والمسحوقين. لسان حال أسرانا يقول:
تداركونا وفي أغصاننا رمق فلن يعود اخضرار العود إن يبسا
د. حمزة ذيب مصطفى
جامعة القدس
4/ ربيع الآخر/ 1434هـ وفق 14/2/2013م